(نظرة عامة تحليلية)
إعــــــــــــــــداد
مصطفى رجـــب شحــــــاته
المقدمه:
من أكثر ما شغل الرأي العام سواء بالنسبة للعاملين في مجال الإستثمار و التمويل ، أو بالنسبة للمغامرين الباحثين عن الأرباح في كافة القطاعات موضوع البيتكوين .
فهذا الإسم ليس إسماً لسلعة ولكن إسماً للعملة الإفتراضية الرقمية الحديثة في التداول الآن و التي إقتحمت المعاملات المالية العاليمة وأصبح لها مساحة سوقية و تسويقية في المعاملات سواء على مستوى الأفراد و المؤسسات المحلية و الدولية بل أن هناك دولاً قد إعترفت بها كذلك.
البيتكوين يعد نظاماً قديماً حديثاً في نفس الوقت ، فقدم هذا النظام كان في يناير 2009 عن طريق شخصاً غامضاً كان يطلق على نفسه إسم ساتوشي ناكاموتو والذي قيل بعد ذلك إنه رجل الأعمال الإسترالي كريج رايت ، وبالتالي وضع حداً للتكهنات التي ظلت حوالي 8 أعوام حول هوية مخترع تلك الضجة المالية .
ماهو البيتكوين ؟
البيتكوين يعد خروجاً على النظام المالي المتعارف عليه عالمياً في المعاملات النقدية بين الأفراد و المؤسسات من إلزامية وجود جهة مركزية هي من تصدر العملات الورقية وتقوم بالرقابة الصارمة عليها وتقوم بتنظيم أسعار صرفها وتحديد قيمتها بالمقارنة بالإحتياطات الأجنبية عند الإصدار أو مخزون الذهب .
ولكن ظهور عملة البيتكوين قد قامت بالخروج عن المُتبع إقتصادياً ، فهي عملة غير ملموسة كالنقود العادية المتداولة فهي غير مرئية بل إفتراضية ولكن آلية التداول تتم إلكترونياً بين الأشخاص بكل سهولة دون رقابة أو قيود أو إلزامية وجود وسيط بنكي يعمل على تنظيم آلية التداول في مقابل رسم معلوم و محدد كل ذلك تحت رقابة ومظلة البنوك المركزية في الدول .
آلية العمل بعُملة و نظام البيتكوين
إن التعامل بنظام البيتكوين كعُملة إفتراضية تخيُلية لها طابع مُميز و مُغاير وغامض أيضاً عن العملات التقليدية حيث أن السؤال هنا هو كيفية تنظيم تلك العُملة رغم كونها غير موجوده في الأساس ؟ وماهو النظام الذي يعمل على تنظيمها و بالتالي الحفاظ على هويتها و خصوصية المعلومات الخاصة بالبيع و الشراء و الحماية من القرصنة ؟
الإجابة على هذا التساؤل ببساطة يكمُن في آلية و إجراءات التعامل التي تتميز بالبساطة ، فهي لاتحتاج إلى توقيع العديد من الأوراق الروتينية داخل المصارف من أجل فتح حساب بنكبي تقليدي .
ولكن ببساطة تلك العملية تحتاج إلى وجود حساب إلكتروني ( إيميل ) للعميل الراغب في الشراء و التداول ، فيكون لكل حساب إلكتروني محفظة واحدة يتم من خلالها التعامل بالبيتكوين وبالتالي يمكن أن يكون للفرد الواحد أكثر من محفظة في حالة إذا قام بعمل أكثر من حساب إلكتروني .
والمنصة التي يتم من خلالها التعامل و التداول block chain أو سلسلة الكُتلة بين آلية الشراء و البيع للبيتكوين.
كريج رايت عندما قام بوضع تلك المنصة من أجل إضفاء نوع من السرية و الخصوصية و أعلى درجات الأمان للعُملاء عند الشراء و البيع فهي بمثابة ميزة سوقية و تسويقية وبالتالي جعل سهولة التداول لتلك الأموال عبر الحدود دون رقابة أو رسوم أو السؤال المُعتاد من أين لك هذا ؟؟ فهي بمثابة باباً خلفياً للتحايل و الدخول في العمليات الغير مشروعة .
شعبية البيتكوين و العالم الغامض للإنترنت
من المعروف أن الإنترنت له عالمه الخفي و الغامض ، حيث عادة تُمارس فيه الأنشطة الغير مشروعه مثل موقع TOR & SILK ROAD وبالتالي جاءت تلك العُملة لتكملة موقع SILK ROADحيث إزدهرت تجارة وتداول تلك العُملة على تلك المنصات.
تدرج أسعار البيتكوين
بالنظر إلى بداية إنطلاقة تداول تلك العُملة على SILK ROADكان سعر الوحدة 1دولار عام 2011م ثم إلى 10دولار في منتصف عام 2011م ثم إلى 30دولار ، وعندما هاجم الكونجرس تلك الآلية وتم توقف العمل بهذا الموقع كان قد وصل إلى 140دولار.
دور البيتكوين لتمويل الحركات المعارضة في العالم
عندما ظهرت ( ويكيليكس ) قامت بنشر حوالي 250ألف وثيقة خاصة بمراسلات الخارجية الأمريكية التي كشفت الوجه الآخر للخارجية الأمريكية ، حيث قامت الولايات الأمريكية بمُعاقبة ويكيليكس عن طريق وقف كل المنصات الخاصة بتمويل ويكيليكس وبالتالي تم فتح الباب أمام البيتكوين من أجل التمويل ، فهي وسيله سريعه لتوفير السيولة النقدية لكل المؤسسات تحت أي ظرف .
دور البيتكوين في الأزمات الإقتصادية و التضخم:
وهذا ما حدث إبان حالة التضخم في الإقتصاد الأرجنتيني وإنهيار العملة ( بيزو ) أمام الدولار حيث لم يعد أمام المواطن سوى الإستثمار في البيتكوين عام 2013م حيث أرتفعت فيه قيمة البيتكوين نحو 860% من القيمة الحقيقية نتيجة زيادة مُعدلات الطلب على البيتكوين و إنخفاض القوة الشرائية للبيزو.
مميزات أُخرى
قد يكون البيتكوين وسيلة سريعه و مرنة للوفاء بالإلتزامات المالية حيث تدرس هيئة السكك الحديدية السويسرية تفعيل شراء التذاكر عن طريق ماكينات البيتكوين .
إنتقاد البيتكوين
من أهم ماوجه إلى تلك العملة من إنتقادات إنها تُمثل فقاعة إقتصادية مؤقتة نتيجة لكثرة الطلب عليها الناتج عن عدم إستقرار الكثير من إقتصاديات الدول وعدم الإستقرار السياسي الذي أثر بدوره على إقتصاديات الدول .
علاوة على عدم وجود آلية شفافة لضبط معايير العرض و الطلب ، مع عدم وجود رؤية وآلية لتحديد السعر الخاص بها سواء بالنسبة للصعود أو الهبوط حيث يعتريها الغموض الكبير ، حيث حذرت أسواق المال المختلفة من التعامل معها.
ولكن في المقابل قررت هيئة السوق المال الأمريكية لبعض المؤسسات من التعامل مع البيتكوين ورغم ذلك لم تقرر الولايات الأمريكية التعامل النهائي معها .
ألمانيا .. والبيتكوين
تعد ألمانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي إعترفت بتلك العُملة وبالتالي إمكانية فرض الضرائب على الأرباح الناتجة عن التداول.
الخاتمة
نرى في النهاية أن عُملة البيتكوين تأتي في مقدمة العُملات الإفتراضية الإلكترونية الناتجة عن الثورة الإلكترونية ، بجانب إنها وسيلة مرنة من وسائل الوفاء بالإلتزامات بشكل سريع وبدون مصاريف ليس على قطاع الأفراد بل المؤسسات و الدول أحياناً .
ولكن في المقابل تفتح الباب على مصراعية للنصب و التحايل الدولي ، مع إمكانية تمويل العمليات الغير مشروعه ، وغموض آلية التعامل معها في الأساس.
وفي مصر صدر مؤخراً فتوى بتحريم العمل بالبيتكوين وتداولها لأنها تصدر من غير ولي الأمر وتفتح باباً للعمل الغير مشروع دون رقابة دولية عليها أو معرفة مصدرها مما يؤثر بالسلب على الإقتصاد القومي .
من المناسب دراسة تلك الظاهرة جيداً و الوقوف على أسباب ظهورها سواء من الناحية القانونية و الأقتصادية و السياسية ومن الممكن أن تقوم بإستحداث نظام موازي للبيتكوين صادر من قبل البنوك المركزية تتماشى مع الهوية العربية مثلما قامت به فنزويلا .
المراجـــع : – كتاب الذهب الرقمي ، لناثنيل بوبر- http://www.bbc.com/arabic/business-42281544– http://www.bbc.com/arabic/business-41088964– http://www.bbc.com/arabic/business-37813721– http://www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2016/05/160501_craig_wright_revealed_bitcoin–
